قلمي ها أنا الآن أرمقك شخصا بعيني متأملا ثغرك المتسخ من حبري النازف على شدقيك ، وهاهي آثار أسناني قد شوهت قوامك بنمش القلق وسهر الليالي ، قلمي لطالما إنجذبت إليك بكل جوارحي وإتصلت بك بكل خلاياي ، لقد تعلمنا سويا سلوك الطرق الوعرة ، مرارا طعنت بك قلبي وأرقت بريشتك دماء أوردتي ، كنت أخط بك كلمات ولدت في أعماقي بألم وعذاب وخلق جديد تعبر عن الحقيقه المجرده المتحرره من كل تأثير ذاتي أو غيره ، كانت نابعة من الأضلع كانت تنسخ نفسها من لحمي ودمي ، كنت تسطر مايدور في أعماق ضميري من صراع فكري في محاولاتي لإلتماس الحقيقه وإستشفاف النور من الداخل ... فمالي أراك تخور وتذوي أطالتك دعواهم وأنهكك جهلهم ، صحيح ياقلمي أن الحرف والكلمه وسيلة ناقصة غير قادرة على تصوير الحقيقه ككل فالإنسان في حد ذاته ناقص فلا تتوقع الكمال من النقص .. ماكنت أفعله وأنت أن نكون متجردين ، صادقين ، إمناء في تجسيم محاولات البحث عن النور الداخلي بالنقد أو حتى الهذيان ليكون للكتابه قيمتها الحقيقية لأنها تنبت من الشخصية وتولد في الأضلاع ...
قلمي .. أرى حبرك قد أصبح عند البعض لعينا ملعونا ، جبانا ، خنوعا هم قالوا ذلك لي .. فلا تقل لماذا ؟
فأنت تعرفهم قوم تسيرهم الأهواء والعواطف تختلط عليهم في أكثر الأمور وهكذا هو الإنسان لا يعرف أهو يتصرف بدافع الغيرة أم الإيثار ، الجبن أم الشجاعة ، الضعف أم القوة ... بل الإمور تختلط عليه في كثير من الأحيان فلا يعود يميز بين الصدق والكذب ، اللذة والألم ، الفرح والحزن ، والحقيقة والمظهر ، إنها النفس البشرية عالم قائم بذاته مليئ بالمتناقضات عميق الأغوار ولايدرك له قاع ، إنها صنو لهذا الكون في شكله ومتغيراته ، بل هي فلذة من فلذاته .
قلمي كن كما أنت فما سخريتهم بك إلا مما يعانوه من جوع وبؤس ومرض قد عل قلوبهم التي تتلظى من فرط الجفاف كالتنور الكبير ، كافحهم ككفاح الغواص وأمطرهم فهم أرض بوار تشكو العطش محرومة من المطر وهي أحوج ماتكون إليك ..
تحياتي للجميع